تكشف البيانات المتعلقة بعادات المشاهدة التلفزيونية الخاصة بك وفرة من المعلومات حول تفضيلاتك واهتماماتك ونمط حياتك ومعتقداتك، وهي معلومات يمكن أن يستفيد منها الاستراتيجيون السياسيون في الحملات. فلطالما كانت الإعلانات التلفزيونية أداة مهمة للحملات السياسية، ولكن ظهور التلفزيون المتطور (Advanced Television)، والمتمثل في البث التدفقي والبرامج التلفزيونية المعروضة حسب الطلب عبر الإنترنت، يمنح الحملات إمكانيات جديدة للإعلانات السياسية والاستهداف الدقيق، وتخصيص المحتوى وصولًا إلى المشاهد الفردي.
وتسمح الإعلانات عبر التلفزيون المتطور، والتي يطلق عليها عادةً «التلفزيون الموجه» في لغة تلك الصناعة، بتوجيه الإعلانات مباشرةً إلى منازل محددة بدلًا من بثها عبر قطاعات ديمغرافية واسعة، كما هي الحال مع الإعلانات التلفزيونية التقليدية التي تبث إعلانات لمدن ومناطق بأكملها. يقوم التلفزيون الموجه بالأساس بتمكين الحملات من توجيه الإعلانات إلى أجهزة التلفزيون بنفس درجة الدقة التي يتم من خلالها توجيه الإعلانات عبر الإنترنت على الهواتف المحمولة أو إرسالها عبر البريد. ولا يزال القيام بذلك مكلفًا نسبيًّا، غير أن البعض يدعي أن تكلفة الإعلانات التلفزيونية التقليدية تُقدر بأقل من قيمتها بسبب افتقار تلك الإعلانات إلى دقة التوجيه1، 2. وفي الورقة البيضاء التي نشرتها وكالة «إكسبيريان» لتقارير الاستهلاك حول التلفزيون الموجه، تزعم الوكالة أن «التلفزيون الموجه يتعلق بالمشاهد وليس بالبرامج التي يشاهدها. فقد تكون أنت وجارك تشاهدان البرنامج ذاته، ولكن من خلال قوة التلفزيون الموجه، سيشاهد كل منكما إعلانات مختلفة».
: المصدر
https://www.thetradedesk.com/white-papers/making-historyprogrammatic-in-politics, accessed 5 March 2019
يقدم التلفزيون المتطور محتوى عبر الإنترنت من خلال مزود إلى جهاز متصل بالإنترنت وليس من خلال شبكات الكابل. وتشمل هذه الأجهزة المتصلة بالإنترنت أجهزة التلفزيون الذكية وأجهزة التلفزيون المتصلة وأجهزة عرض المحتوى (set-top boxes) مثل «روكو Roku» و«أبل تي ڤي Apple TV» وأجهزة الألعاب مثل «بلاي ستيشن PlayStation» و«إكس بوكس Xbox».
ويُسمى الجيل التالي من الإعلانات التلفزيونية بـ«التلفزيون الموجه» لأنه أصبح من الممكن أن توجه الجهات المعلنة محتوى يلبي احتياجات ورغبات المستخدمين، كُلٍّ على حدة. وفي المجال السياسي، يتم التوصل إلى هذه الاستنتاجات حول احتياجات المستخدمين من خلال البيانات. وتحقق الإعلانات التي يوفرها التلفزيون الموجه درجة من الدقة في التوجيه على مستوى المنازل الفردية باستخدام بيانات تفصيلية. وبحسب تعبير «آدم جاينور» نائب مدير قسم المبيعات السابق بشركة «ديش ميديا Dish Media»، فإن التلفزيون الموجه «لا يعمل بدون بيانات».
وتأتي تلك البيانات من ثلاثة مصادر:
● بيانات الطرف الأول: وهي بيانات داخلية تجمعها الجهة المعلنة حولك وتشمل التاريخ الخاص بكل من المشاهدة والدفع والاشتراك.
● بيانات الطرف الثاني: وهي بيانات تقوم الشراكات والجهات التابعة بمشاركتها. وفي سياق الإعلانات السياسية، تمثل بيانات الطرف الثاني تلك التي قد تأتي من إحدى لجان العمل السياسي أو إحدى مجموعات القضايا، والتي يتم تبادلها مع الحملة الخاصة بمرشح معين من أجل إحراز تقدم في هدف سياسي معين.
● بيانات الطرف الثالث: هي بيانات يتم شراؤها من مصادر خارجية كشركات وساطة البيانات مثل «أكسيوم» و«إكسبيريان» و«لايف رامب» و«نيوستار Neustar» وغيرها من الشركات المتخصصة في البيانات السياسية، أو توفرها شركات الاستشارات التي تساعد في عملية شراء الإعلانات. وتختلف تلك المعلومات بشكل كبير، ولكن المعلومات التي تُجمع لأغراض سياسية غالبًا ما تكون متعلقة بمدى قابليتك للاقتناع واحتمالية تصويتك. فتقوم شركة «ألتيس ميديا سوليوشنز Altice Media Solutions» بتمكين الحملات من استهداف الناخبين من خلال التلفزيون الموجه باستخدام بيانات ديمغرافية أولية مثل الأصل العرقي، بالإضافة إلى تفاصيل أكثر خصوصية مثل المواقف تجاه القضايا المثيرة للجدل.
توفر شركة «ألتيس ميديا سوليوشنز» إمكانية استهداف الناخبين من خلال التلفزيون الموجه، ليس فقط باستخدام البيانات الديمغرافية الأساسية بل وأيضًا باستخدام بيانات حول العرق والقناعات السياسية من بين أمور أخرى.
المصدر:
http://www.alticemediasolutions.com/amslocal/political-advertising-0, accessed 5 March 2019
يتم تجميع كل هذه البيانات الشخصية والديمغرافية والجغرافية والسلوكية وتحليلها من أجل تحديد ما إذا كنت هدفًا مناسبًا لإعلان سياسي معين . وقد أشار «بين تاتا» وهو الرئيس السابق بقسم المبيعات في شركة «كيبل فيچان Cablevision»، وهي من الشركات الرائدة في مجال التلفزيون الموجه قائلًا: «إنه لمن المدهش أن من بين جميع الفئات التي نعمل معها، تظل الفئة السياسية هي الأكثر تطورًا فيما يخص استخدام البيانات». وشبه «تاتا» التلفزيون الموجه بمجهودات طرق الأبواب لاستقطاب الأصوات حيث يقوم العاملون بالحملات «بطرق الأبواب وهم يعرفون بشكل ما التاريخ الخاص بساكن المنزل من قبل أن يطرقوا بابه، فيمكنهم إذن أن يطبقوا المبادئ ذاتها على التلفزيون».
ويوضح المخطط أعلاه مثالًا واحدًا على كيفية توصيل الإعلانات الموجهة إلى المنازل الفردية. وينص الموقع الإلكتروني الخاص بشركة «دي تو ميديا» على ما يلي: «إن أجهزة الاستقبال المتصلة بالإنترنت لدى المشتركين بخدمات «دايركت تي في» و«ديش» هي أشبه بحواسيب صغيرة. فإن المعلومات الديمغرافية والبيانات المستقاة من سجل الناخبين والخاصة بالمشترك تكون محملة على الجهاز. وبما أن الجهة المعلنة تختار جمهورًا مستهدفًا، يمكننا حينئذ أن نعرض إعلانًا تلفزيونيًّا معينًا إلى المنزل أثناء مشاهدة أفراده التلفزيون خلال الفواصل الإعلانية. إن التقارير التي بإمكاننا أن نوفرها عبر الجهة الخلفية هي أكثر تكاملًا من أي شيء رأيناه من تقارير ما بعد الحملات الخاصة بالإعلانات التلفزيونية». وعمليًّا، تُستخدم الإعلانات التلفزيونية كمكمل لحملات البريد المباشر والإعلانات التي تُعرض عبر الهاتف المحمول أو جهاز الكمبيوتر أو الراديو الرقمي وغير ذلك من الوسائط.
:المصدر
Varoon Bashyakarla, ‘Psychometric Profiling: Persuasion by Personality in Elections’, 18 May 2018, https://ourdataourselves.tacticaltech.org/posts/psychometric-profiling/
↘ شبكة «ميتو: mitú» أطلقت الشبكة متعددة القنوات «ميتو» حملة ركزت على دفع مزدوجي اللغة من أبناء جيل الألفية ذوي الأصول اللاتينية في الولايات المتحدة لمتابعة دوري كرة القاعدة الرئيسي. وقد لاقت الحملة نجاحًا كبيرًا لدرجة أن الشبكة قامت بإطلاق مبادرة سياسية في شهر مايو من عام 2016 من أجل زيادة نسبة الإقبال على التصويت داخل نفس القطاع المستهدف تحت اسم "Take Action, Commit Others". وفي إطار ذلك المجهود التعبوي، نظمت الشبكة لقاءً بين باراك أوباما و«چينا رودريجيز» وهي ممثلة بورتوريكية أمريكية. وقد حصد اللقاء في النهاية عدد مرات ظهور وصل إلى 75 مليون مرة. وتتمركز تلك الشبكات متعددة القنوات مثل «ميتو» على نحو متزايد بين الجهات المعلنة والمنصات مثل فيسبوك ويوتيوب وبينترست "Pinterest" وسناب شات، وهو موقع مثالي فيما يخص القدرة على التأثير السياسي، خاصةً بين الناخبين الشباب الذين يستهلكون الوسائط الإعلامية من خلال وسائل أخرى غير التلفزيون التقليدي.
↘ شبكة «دي تو: D2» في عام 2014، أصبحت شبكة «دي تو ميديا D2 Media» «أكبر منصة منزلية لإعلانات التلفزيون الموجه» في الولايات المتحدة، وهي نتيجة الاندماج بين شبكتي الأقمار الصناعية الأمريكيتين «ديش DISH» و«دايركت تي في DirectTV». حيث تزود منصة «دي تو ميديا» الإعلانية حوالي 22 مليون منزل بالإعلانات الموجهة. وقد قامت بعمل شراكات مع الشركات التي تزود الحزبين الأمريكيين الرئيسيين بالبيانات، بما في ذلك شركة "i360" وشركة «ديب روت أناليتيكس»، وكلتاهما تعمل مع حملات الحزب الجمهوري، بالإضافة إلى شركة «تراجت سمارت TargetSmart» والتي تقدم خدمات لمرشحي تيار يسار الوسط14. وقد قدمت شركة «دي تو ميديا» خلال عام 2016 إعلانات لأكثر من مائة حملة سياسية من خلال التلفزيون الموجه.
لا يفكر غالبية مشاهدي التلفزيون في حقيقة أن عادات المشاهدة والتفضيلات الخاصة بهم يمكن استخدامها -وأحيانًا تُستخدم بالفعل - في تشكيل كيفية تواصل الحملات السياسية معهم وإقناعهم. وهو ما يرجع جزئيًّا لكون هذا التطور، كما هو موضح هنا، جديدًا تمامًا. وعلى الرغم من أن مصطلح «الاستهداف عبر التلفزيون المتطور» قد صُك في عام 1990 من قبل معمل أبحاث الوسائط الإعلامية التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فإنه لم يكتسب زخمًا إلا مؤخرًا . وقد تضافرت ثلاثة عوامل لتسهيل اعتماد إعلانات التلفزيون الموجه وهي: دورة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، والحاجة لإيجاد ميزة تنافسية، والبنية التحتية التكنولوجية وتطور إمكانيات وكالات الإعلان، وربما أيضًا الاتجاه الأقدم نحو «دمج مؤسسات قطاع الإعلام». و بازدياد كمية المحتوى المعروض عبر عنوان بروتوكول الإنترنت ومن خلال منصات العرض عبر اتصال الإنترنت والعرض حسب الطلب حتى وصل حجم هذا المحتوى إلى الكتلة الحرجة، أصبح التلفزيون الموجه خيارًا قابلًا للتطبيق بالنسبة إلى الاستراتيجيين السياسيين. ووفقًا لشركة «دي تو ميديا»، فإن دورة الانتخابات الرئاسية لعام 2016 كانت «الدورة [الرئاسية] الأولى التي تمكنت الحملات خلالها من استهداف الناخبين بإعلانات التلفزيون الموجه». وقد ارتفع استخدام التلفزيون الموجه في الفترة ما بين دورتي انتخابات عامي 2014 و2016 بنسبة 60%. ويتوسع استخدام التلفزيون الموجه وصولًا إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا، ولكن يبدو أن تبنيه في الحملات السياسية خارج الولايات المتحدة يحدث بشكل أبطأ.
● عند تطبيقه تحت قيود معينة، يمكن أن يقدم التلفزيون الموجه إعلانات تخدم اهتمامات المشاهدين.
● تدعي الشركات التي تقدم خدمات التلفزيون الموجه أنها بإمكانها تعزيز العملية الديمقراطية من خلال تحسين رفع كفاءة الحملات السياسية وتعزيز المشاركة السياسية.
● ومع ذلك، فإن الإعلانات التي تُقَدَّم للمنازل بشكل فردي تعكس فهم الحملات للأشخاص المقيمين بها، وهي المعرفة التي قد يتم اكتسابها بواسطة وسائل تتسم بالاقتحامية أو تنطوي على مساس بالخصوصية. عندما يُستهدف الناخبون بحملة إعلانية معينة، فإن الإعلان الموجه يمثل مؤشرًا على «التحول من تحديد المجموعات إلى تحديد الأفراد»، بحسب وصف الرئيس والمدير التنفيذي لوكالة الإعلان الرقمي «بولي بولبيت إنترأكتيڤ Bully Pulpit Interactive». وتمثل الفجوة الواسعة ما بين الممارسات الإعلامية وتدابير حماية البيانات مجموعة من المخاوف. فقد أدركت كل من ألمانيا وهولندا مدى حساسية المعلومات الشخصية التي تتم معالجتها بواسطة التلفزيون المتطور واستجابت لذلك بإنفاذ قيود على هذه الممارسات.
● يمكن أن يساهم توجيه الإعلانات السياسية على المستوى المنزلي في خلق «فقاعات فلترة المعلومات» بسهولة، حيث قد يفهم الناخبون الفرديون المرشحين وحملاتهم بشكل مختلف بناءً على المعلومات المقدمة لكل منهم على حدة.
● إن البيانات المتوفرة لدى الجهات المعلنة حول المنازل الفردية، سواء كانت مرصودة بشكل مباشر أو تم التنبؤ بها، قد تكون غير دقيقة أو قديمة، مما يؤدي إلى إنشاء ملفات سياسية وحملات إعلانية غير ملائمة في أحسن الأحوال أو مضرة في أسوئها. ويمثل ذلك إشكالية في حالة التلفزيون الموجه على الأخص؛ نظرًا إلى حداثته النسبية، فإنه يفتقر إلى المعايير المنظمة لهذه الصناعة فيما يتعلق بالقياسات الأولية.
● إن المعرفة ببيانات التسجيل واستخدام بيانات متعلقة بعادات استهلاك الوسائط الإعلامية من أجل إرشاد الرسائل السياسية يمكن أن يُحدث تأثيرًا مخيفًا بين الناخبين.
Author: Varoon Bashyakarla