##ما هي التقنيات التي تلوح في الأفق؟
لطالما كانت التكتيكات السياسية تحاكي أساليب مجال التسويق، وفي الواقع، فإن الشركات الربحية كان لها السبق في استخدام جميع الأساليب تقريبًا الموضحة في هذا الدليل قبل اعتماد استخدامها في المجال السياسي. وعلى الرغم من استحالة التنبؤ بكيفية تطور الحملات السياسية بالضبط في المستقبل، فإن القطاع التجاري ومجالات البحث والتجريب الناشئة تقدم لمحة عما ستقوم به الحملات في المستقبل. يستكشف هذا الفصل العديد من التقنيات الناشئة التي تستخدم البيانات الشخصية والتي اكتسبت أهمية مؤخرًا في الحملات السياسية.
↘البرامج الآلية (البوتات) إن ظاهرة استخدام البرامج الآلية السياسية والدعاية الحسابية من أجل التأثير على الخطاب الموجود على الإنترنت، كما في حالة الوسوم الأعلى تداولًا على موقع تويتر، هي ظاهرة موثقة ولا تزال تمثل مجالًا نشطًا للأبحاث. كما أن صعود برامج المحادثة الآلية المعتمدة على البيانات الشخصية قد يؤدي إلى ظهور أشكال أكثر تخصيصًا من نفس الظاهرة. وكما حذر أحد الباحثين، فإنه خلال سنوات قليلة «قد تبدأ برامج المحادثة الآلية في البحث عن المستخدمين القابلين للاستهداف ومخاطبتهم عبر قنوات دردشة خاصة. وسوف تتمكن من إجراء محادثات بطلاقة وسوف تحلل بيانات المستخدم من أجل تقديم محتوى دعائي مخصص. كما ستوجه البرامج الآلية الأشخاص نحو وجهات النظر المتطرفة والحجج المضادة لها بطريقة حوارية».
وهناك عدة أسباب وراء جاذبية البرامج الآلية بالنسبة إلى الحملات السياسية؛ فهي تسمح للحملات أن تستجيب إلى استفسارات الناخبين بكفاءة أكبر، وتساعد المستخدمين في التعامل مع الطوفان الحالي من المعلومات السياسية، كما أنها تساعد في تجنب عامل الخطأ البشري، ويمكنها العمل عبر المنصات المختلفة، بالإضافة إلى تقديمها ردودًا مخصصة للمستخدمين الذين يتحدثون معها. كما أنها تتمتع بجاذبية من الناحية المالية أيضًا، ففي عام 2016، قامت شركة فيسبوك بفتح منصة المراسلة واسعة الشعبية الخاصة بها لمطوري البرامج الآلية، وهي منصة لا تقتصر جاذبيتها على كونها خيارًا أقل تكلفة من الرسائل النصية القصيرة المجمعة، بل إنها أيضًا تسمح للحملات باستخدام مصادر البيانات الغنية المتوفرة لدى فيسبوك في تلك الأثناء.
لقطة مصورة من الموقع الإلكتروني الخاص بشركة "mssg@"، وهي شركة تقدم برنامج محادثة آلية يستخدم بهدف تشجيع الناخبين على التسجيل وفي جهود زيادة الإقبال على التصويت.
وتتلهف الحملات لاستخدام البرامج الآلية لما تتمتع به من قدرة على جمع البيانات الشخصية. وقد أوضح أحد المتخصصين في مجال الاتصالات أن برامج المحادثة الآلية «بإمكانها أن تطلب من المستخدم اختيار خيارات معينة أو الإجابة على أسئلة معينة، بحيث يتمكن البرنامج من إنشاء قاعدة بيانات على الفور، وتوفير إحصائيات حول تفضيلات الأشخاص ومقترحاتهم وشكوكهم»11. وفي حالات أخرى، يمكن أن تستهدف البرامج الآلية المستخدمين باستطلاعات رأي من أجل قياس استجابتهم للقضايا، مما يسمح للحملات بجمع المزيد من البيانات.
ويتزايد استخدام برامج المحادثة الآلية أيضًا لأنها يمكن دمجها في جهود التواصل بشكل سلس، حيث لا تتطلب بذل المجهود أو المبادرة من جانب الناخبين. فيمكن عند قيام الناخب بنشر تعليق على مقال معين أن تُُطرح عليه أسئلة، أو أن يُوجه إلى استطلاع رأي، أو أن يُطلب منه التبرع وغير ذلك، ويتم كل ذلك من خلال البرامج الآلية.
ولم تزل البرامج الآلية الموجهة والمستخدمة من قبل الحملات السياسية على قدر من البدائية. فقد قامت شركة ناشئة في فرنسا على سبيل المثال بتطوير برنامج آلي يرد على أي رسالة تصله من المستخدمين بواحدة من مائة مقولة لدونالد ترامب، وقد لاقى البرنامج نسب تفاعل عالية. بينما قام برنامج آخر بمساعدة المستخدمين على إضافة صورة المرشح الرئاسي النمساوي آنذاك ورئيس النمسا حاليًّا «فان در بيلين» على صورة حساب فيسبوك الخاص بهم، وكان البرنامج يحمل اسم «سيلفي مع فان در بيلين».
قامت مجلة «شات بوتس Chatbots»، وهي من المصادر الخاصة بمجال البرامج الآلية، بنشر مقال يحمل عنوان على نحو «البوتات هي أكثر من آلات لإنتاج «الأخبار المزيفة»». ويحتوي المقال على صور تم إنتاجها باستخدام برنامج «سيلفي مع فان دير بيلين Your Selfie with Van der Bellen»، وهو برنامج محادثة آلية يعمل من خلال منصة فيسبوك كان قد طُوِّر في أحد ماراثونات البرمجة.
ويرجح أن يكون الجيل القادم من البرامج الآلية السياسية أكثر تطورًا، ولا سيما مع جمعها للمزيد من البيانات الشخصية. فعلى الأغلب، ستقوم الحملات باستخدام التقنيات والتطورات في مجال معالجة اللغة الطبيعية، والتي سبق أن استخدمتها شركات جوجل وأمازون ومايكروسوفت، لتطوير برامج آلية تحاكي البشر بشكل أكبر. ويقول «آدم ميلدرام»، وهو رائد أعمال ومتخصص في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي وبرامج المحادثة الآلية في الحملات السياسية، أنه يرغب في استخدام برامج المحادثة الآلية بشكل «يخلق علاقة أكثر طبيعية مع الناخبين». وتتمثل رؤيته، وهي الشائعة في هذا المجال، في جعل برامج المحادثة الآلية «تستجيب كما قد يستجيب شخص حقيقي»، أي أنه مع إجراء القدر الكافي من التحسينات، قد تتمكن البرامج الآلية من تسهيل تفاعلات طبيعية ما بين الحملات والناخبين، على العكس من شكلها الحالي والذي لا يعدو أن يكون مجرد «أداة تسويق مبالغ في قيمتها».
وعلى نفس المنوال، يحاول الباحثون في مختبر أبحاث الوسائط التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن يطوروا برامج آلية معتمدة على الذكاء الاصطناعي، وتستجيب مثل نظيرها البشري. إن استخدام برامج آلية في السياق السياسي «لديها دراية بمواقف المرشح، بالإضافة إلى أسلوبه، يمكن أن تنتج عنه محادثات افتراضية تسمح للناخبين بأن يطرحوا أسئلة لصيقة التعلق بمجتمعهم المحلي، وأن يتلقوا إجابات مخصصة في المقابل». وتتمثل الفكرة وراء البحث في التحقق مما إذا كانت بصماتنا الرقمية تكشف ما يكفي عن «أفكارنا واهتماماتنا وهويتنا الشخصية» بحيث يتمكن برنامج آلي يعمل من خلال الذكاء الاصطناعي من محاكاتنا بشكل مقنع. إذا كان ذلك قابلًا للتطبيق، فمن المحتمل أن تستخدم الحملات السياسية هذه القدرة على «تبديل الهوية» بهدف «التأثير على الآراء وإثارة الحماس بين الأشخاص الذين تعتبرهم الحملات مؤيدين محتملين لمرشحيها».
لقطة مصورة من برنامج المحادثة الآلية الخاص بحزب العمال بالمملكة المتحدة والمطور من قبل شركة «شات فيول Chatfuel». وتزخر الشركة التي يقع مقرها في سان فرانسيسكو بأكثر من مليار مستخدم وبمعدل فتح رسائل يصل إلى 80% عبر برامجها الآلية الموجودة على تطبيق فيسبوك ماسنجر.
المصدر:
‘The Labour Party Chatbot’, accessed 28 February 2019.
↘ تتبع حركة العين
لقد بدأت بعض الحملات السياسية في تحسين إعلاناتها استنادًا إلى المعلومات التي تقدمها الأبحاث المتعلقة بتقنيات تتبع حركة العين. خلال تلك الأبحاث، تقوم جماعة من الأشخاص بالسماح بتسجيل حركة أعينهم، وقد يكون ذلك في مختبر أو باستخدام أجهزة من المنزل. وتُلَخص الفكرة من وراء هذه التقنية في تدوينة نشرتها شركة «ديسيدا Discida»، وهي شركة تقدم خدمات تتبع حركة العين للحملات السياسية كما يلي:
إن تتبع حركة العين هو تقنية بارعة تسمح لك برؤية ما تتم ملاحظته وما لا تتم ملاحظته بالضبط، بالإضافة إلى مقدار الانتباه الذي يحوزه أحد مكونات قطعة معينة. فإذا لم ينظر الناخب إلى صور أو كلمات رئيسية، فهذا يعني أن القطعة قد فشلت في توصيل رسالتها. ويتمتع تتبع حركة العين بميزة لا تتوفر لدى آليات أخرى مثل مجموعات التركيز، وهي أن استجابة الناخب تكون تلقائية. فعلى العكس من مجموعات التركيز، لا يكون على الناخب تذكر ما نظر إليه، كما أنه لا يتأثر باستجابة أحد أعضاء المجموعة ولا يحاول إرضاء مدير المجموعة باستجابته. فإن تتبع حركة العين يرصد المعلومات المتعلقة بالثواني الأولى الحاسمة؛ أين ينظر الناخب أولًا؟ وإلى أين يتجه نظره بعد ذلك؟ ما هي الأجزاء التي يطيل الناخب التركيز عليها؟22
لقطة مصورة من إعلانات سياسية محسنة باستخدام تقنية تتبع حركة العين من قبل شركة «أكسيوم ستراتيجيز Axiom Strategies»، وهي شركة استشارات سياسية يقع مقرها في مدينة كانزاس سيتي. وتظهر خريطة التمثيل الحراري المرئية في الصورة الأماكن التي تتجه نحوها أعين الأشخاص. وقد بدأت الحملات السياسية في اعتماد هذه التقنية من أجل توجيه أعين الناخبين وانتباههم حسب رغبتها.
تمكن تلك التقنية الأحزاب السياسية أو المرشحين من تخصيص الإعلانات للناخبين لإحداث أقصى درجة ممكنة من التأثير. وقد قام باحثون بجامعة ڤيينا بعرض إعلانات خاصة بكل من حزب الخضر النمساوي - وهو حزب ليبرالي - وحزب الحرية النمساوي المحافظ، على ناخبين ليبراليين ومحافظين في الوقت ذاته، وقام الباحثون بتتبع حركة أعينهم في تلك الأثناء. ووجدت هذه الدراسة أن الأشخاص يطيلون النظر إلى الإعلانات التي تتوافق مع آرائهم السياسية. وبينما قد تبدو هذه النتيجة بديهية، فإن الحملات يمكنها استخدامها كأساس منطقي للعديد من القرارات التي تهدف إلى جذب انتباه الناخبين، مثل صياغة الإعلانات لتتماشى بدقة مع توجهات الناخبين السياسية، أو نشر إعلانات سياسية أكثر استقطابًا. ومن المرجح أن تصبح خدمات تتبع حركة العين أكثر تخصيصًا بدورها مع استمرار تحسينها للعمل على مجموعات أكثر تفصيلية. فإن تقنية تتبع حركة العين تدعي، على سبيل المثال، أن الرجال والنساء يختلفون فيما بينهم في النظر إلى أجزاء معينة من الإعلانات23.
↘ الحوسبة الإدراكية
لقد خلقت التغيرات في التكنولوجيا طرقًا لفهم الناخبين بشكل أكثر شخصية وسرعة، ومن المفترض أيضًا، بشكل أكثر دقة. ويقوم المجال التسويقي باستكشاف الحوسبة الإدراكية من خلال إجراء دراسات على المخ من أجل فهم كيفية تأثر قدرتنا على التذكر ومشاعرنا وانتباهنا بالوسائط الإعلامية التي نستهلكها «بوعي وبدون وعي منا بذلك». وقد عرض مقال منشور على مدونة تابعة لخدمة البريد بالولايات المتحدة بعنوان «ما يعنيه علم التسويق العصبي بالنسبة إلى الحملات السياسية» نتائج أبحاث تشير إلى أن «الإعلانات التي تحتوي على صور وجوه أشخاص يتم تذكرها أكثر من تلك التي تحتوي على مشاهد أو كلمات». ويدعي المقال أيضًا أن استخدام الوسائل المادية في الحملات (مثل البريد المباشر أو العادي) يتفوق على سواه فيما يخص المعرفة بالمرشحين، حيث إن البريد المباشر أظهر درجات أعلى من «القدرة على التذكر والجاذبية والاستحسان» مقارنةً بأنواع الوسائط الأخرى. فعند استخدامه مع الوسائط الرقمية، حقق البريد العادي اهتمامًا أعلى من استخدام وسيط واحد بمفرده بنسبة 39%.
التُقطت هذه الصور من الموقع الإلكتروني (DeliverTheWin.com) وهو موقع أنشأته خدمة بريد الولايات المتحدة. ويوضح الموقع مزايا حملات البريد المباشر، كما أنه يحتوي على قسم مخصص لعلم التسويق العصبي، يوضح من خلاله كيف أظهرت الأبحاث الحديثة فعالية تطبيق هذا العلم في الحملات السياسية.
↘ إنترنت الأشياء
إنه لمن المحتم أن يزداد الحجم الهائل من المعلومات المتاحة للحملات السياسية بشكل كبير. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد الأجهزة المتصلة في جميع أنحاء العالم الثلاثين مليار جهاز بحلول عام 2020. وتتمركز الحملات بالفعل بحيث تستخرج أكبر قيمة ممكنة من أجهزة التلفزيون المتصلة وأجهزة عرض المحتوى ومن استهلاك المواد الإعلامية عبر الإنترنت. وفي المستقبل القريب، تَعِدُ السماعات الذكية المتصلة على شبكة إنترنت الأشياء مثل «أمازون إيكو Amazon Echo» و«جوجل هوم Google Home»، بالإضافة إلى المكانس الكهربائية الذكية والأسرَّة الذكية وغيرها، برصد بيانات سلوكية أكثر ثراءً. هل ينشغل أفراد أسرة معينة بالقضايا المتعلقة بالسلامة؟ لم تعد الحملات في حاجة إلى التنبؤ بإجابة هذا السؤال، في حين أن نظام التنبيه المنزلي غير المستغل يمكنه أن يجيب عليه. وقد تنبأ أحد الصحفيين بأنه «فيما يتعلق بالأنظمة الديمقراطية، سوف يغير «إنترنت الأشياء» من كيفية تأثيرنا نحن كناخبين على الحكومات، بالإضافة إلى كيفية تأثير الحكومات على حيواتنا (وتعقبها) من خلال أجهزة استشعار مدمجة «لا تنام»»29،30. ونظرًا لأن الكثير من تلك الأجهزة ستكون موجودة داخل المنازل، فإن البيانات التي سنشاركها معها من المرجح أن تكون أكثر خصوصية من البيانات التي نشاركها مع الأجهزة التي نستخدمها في الوقت الحالي31. وفي نهاية الأمر، فإنه يُعتقد أن تلك التطورات الوليدة سوف تُحدث تطورًا في جهود الحملات لاستهداف الناخبين بأعلى درجة ممكنة من الدقة وعلى مستويات ضخمة.
الولايات المتحدة: في شهر نوفمبر من عام 2016، قامت ثلاث مجموعات سياسية باستخدام برنامج آلي من تطوير شركة "mssg@" من خلال تطبيق فيسبوك ماسنجر، وهي لجنة الحملة الانتخابية لمجلس نواب ولاية كونيتيكت، وإحدى لجان العمل السياسي في ولاية بنسلفانيا، بالإضافة إلى حملة «بازتا أربايو Bazta Arpaio» وهي حملة قائمة على المجتمع المحلي بولاية أريزونا، كانت قد عملت على التصويت لعزل أحد رؤساء الشرطة باسم «جو أربايو» من منصبه بعد اتهامه بممارسات عنصرية. وقد طلب البرنامج الآلي من كل من الناخبين الإدلاء بعنوان إقامتهم ثم أرسل لهم مكان الاقتراع الخاص بكل عنوان. وعلى الرغم من وجود العديد من المواقع الإلكترونية التي يمكن من خلالها البحث عن أماكن الاقتراع، فإن ما يميز هذا البرنامج كان عامل الابتكار المتمثل في تقديم خدمة مريحة يسهل الحصول عليها عبر الهاتف المحمول، بالإضافة إلى تقديمه فرصة للتجربة.
توفر شركة "mssg@" برامج محادثة آلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي من خلال تطبيق فيسبوك ماسنجر. ويظهر في هذه الصورة أحد البرامج التابعة للشركة، إذ يسأل مستخدمة عن عنوانها ثم يرد عليها بمكان الاقتراع الخاص بها. وقد استعانت ثلاث حملات بهذه الخدمة في شهر نوفمبر من عام 2016.
المصدر: ‘Case Study: Election Day Facebook Messenger Bot’, @mssg, 14 February 2017.
وقد بدأ تشغيل برنامج "mssg@" الآلي بالتوازي مع إجراء اختبار من أجل مقارنة هذا البرنامج بموقع إلكتروني بسيط. وقد أشارت «بيث بيكار» والتي تدير شركة تساعد أصحاب القضايا التقدمية في التواصل مع داعميهم: «إن جمع البيانات أثناء إجراء محادثة هو أسلوب جديد، والنتائج الأولية لذلك مذهلة. فيمكننا أن نجمع أي نوع وكل نوع من البيانات من المستخدمين؛ ويشمل ذلك عنوان الإقامة وعنوان البريد الإلكتروني ورقم الهاتف وتاريخ الميلاد، إلخ. والآن بعد أن سمحت منصة فيسبوك بتداول المبالغ النقدية ما بين الأشخاص عبر تطبيق ماسنجر، فإنها مسألة وقت حتى يتسنى للمؤسسات أن تجمع التبرعات بهذه الطريقة أيضًا».
كندا: خلال الأشهر التي سبقت الانتخابات الفدرالية لعام 2015، قامت شركة التسويق «ميدييتيف Mediative» بجمع جمهور صغير من خمسة رجال وخمس نساء. وبحسب ما ورد، استخدمت الشركة تقنية تتبع حركة العين «للوصول إلى عمليات وقرارات اللاوعي الخاصة بجمهور معين من أجل فهم أي من عناصر تصميم المواقع الإلكترونية [الخاصة بالحملات] يحفز الشبكات الدماغية الأساسية والمسؤولة عن الانتباه والإدراك والعاطفة». وقد استخدم هذا التمرين المواقع الإلكترونية التابعة للأحزاب الخمسة الرئيسية في كندا والتي تشمل كل ألوان الطيف السياسي. وتزعم الشركة أنها وجدت، من بين أمور أخرى، أن الرجال يمضون وقتًا أطول في النظر إلى الشعارات، بينما تركز النساء أكثر على الصور العائلية. ولم تساعد بعض المواقع الإلكترونية على أن تركز الأنظار عليها مقارنة بمواقع أخرى، وهو مؤشر على لزوم إجراء تحسينات. ويخلص المقال الذي نشرته الشركة على مدونتها إلى ما يلي: «وفقًا لنتائج دراستنا، يبدو أن جاستن ترودو يحظى بشعبية كبيرة بين النساء، وأن الرجال أكثر انجذابًا لعضوية الحزب المحافظ، وأن تصميم الموقع الإلكتروني الخاص بحزب الكتلة الكيبيكية قد يكون مربكًا، وأن المشاعر تجاه الحزب الديموقراطي الجديد محايدة، وأن الحزب الأخضر سيجذب ناخبين أكثر من بين النساء. ولكن لنضع المزاح جانبًا، لا تنسوا أن تصوتوا ولتسد الديمقراطية!»33 وقد يشكك البعض في فعالية وصحة تقنيات تتبع حركة العين، غير أنها تعكس كيف أصبحت قرارات الحملات أكثر تخصيصًا من أي وقتٍ مضى.
في هذا التحليل الذي قامت به شركة التسويق الرقمي «ميدييتيف Mediative» للموقع الإلكتروني الخاص بحملة عضوة البرلمان الكندي «إليزابيث ماي» لانتخابات عام 2015 البرلمانية، يظهر كيف يتفاعل النساء والرجال مع المحتوى بشكل مختلف. وكما تُظهر خريطة التمثيل الحراري، تقضي النساء وقتًا أطول في النظر إلى النص أسفل يسار الصورة وإلى وجه «ماي». بينما يبدو الرجال، على الناحية الأخرى، أكثر اهتمامًا بشعار الحزب الأخضر.
المصدر: ‘5 Eye-Tracking Heat Maps Reveal Where Canadians Look When Reviewing Parties’ Websites during the Federal Election’, Mediative (blog), 15 October 2015.
على الرغم من أن العديد من التقنيات الموضحة هنا لم يشع استخدامها بعد، فإنه من المرجح أن تزداد شعبيتها. فإذا نجحت برامج المحادثة الآلية في تكوين علاقة جيدة مع الناخبين، فسيكون من الصعب تمييزها عن البشر. وعلاوة على ذلك، فيبدو أنه لا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كانت الإعلانات التي تشاهدها أو المواقع الإلكترونية التي تزورها قد تم تحسينها باستخدام تقنيات تتبع حركة العين أو أدوات الحوسبة الإدراكية والتي تهدف إلى توجيه نظرك وانتباهك إلى رسالة أو صورة معينة. كما أن وجود أجهزة في منزلك متصلة عبر شبكة إنترنت الأشياء لا يعني بالضرورة أنك تخضع لمحاولات الاستهداف الدقيق من قبل الحملات السياسية، غير أن الحماس الذي يحيط بإمكانية استخدام هذه الأجهزة المنزلية لأغراض سياسية يشير إلى أن هذا لن يدوم.
لقطة مصورة من الموقع الإلكتروني الخاص بشركة «آي كيو إم IQM» والتي يقع مقرها في نيويورك. تعلن الشركة في هذه الصورة عن تقديمها خدمات «جمع معلومات حول الناخبين باستخدام الذكاء الاصطناعي» بالإضافة إلى توفيرها بيانات متعلقة بأماكن وجود الناخبين من أجل رفع القدرة على تقديم إعلانات أكثر دقة.
المصدر: ‘IQM - Solutions - Political’, accessed 7 December 2018._
↘ إذا استُخدمت بطريقة شفافة وتحترم الخصوصية، فإنه يمكن لبرامج المحادثة الآلية المتطورة أن تجري محادثات من أسئلة وأجوبة تلبي احتياجات الناخب. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يدخل الناخب في محادثة حول تأثير سياسة معينة يحتمل تطبيقها على عمله التجاري.
↘ تلغي البرامج الآلية عامل الخطأ البشري في مهام بسيطة مثل البحث عن أماكن الاقتراع الخاصة بعنوان معين.
↘ يمكن أن يقوم الفاعلون السياسيون ذوو النوايا الخبيثة باستخدام البيانات الشخصية لتزويد المستخدمين بمواد دعوية مخصصة وترويج الآراء المتطرفة. وقد ثبت بالفعل أن هناك برامج يمكنها القيام بذلك، حتى وإن كانت لا تتمتع بالقدرة على الوصول إلى البيانات.
↘ يمكن ضبط برامج المحادثة الآلية بحيث تنتحل مواقف مرشح معين وتنشر ادعاءات كاذبة. وفي هذه الحالة أيضًا، قد لا يعرف الناخبون ما إذا كانوا يخاطبون برنامجًا آليًّا أم بشرًا.
↘ قد تؤسس الأجهزة المتصلة على شبكة إنترنت الأشياء لسابقة مراقبة البيانات، والتي تنطوي على مراقبة الأنشطة والإجراءات الرقمية التي يقوم بها المستخدم على الإنترنت من أجل استخراج معلومات توظَّف في المجال السياسي. وقد علق أحد الأكاديميين قائلًا: «إن إنترنت الأشياء هو بالأساس شبكة مراقبة هائلة».
↘ إذا تم الجمع بين التقنيات، مثل أن تستخدم البرامج الآلية مع تقنيات الاستهداف الدقيق، فسوف تتزايد التحديات المتعلقة بالمعرفة الرقمية بالنسبة إلى الناخبين، كما ستواجه الجهات المنظمة المزيد من التعقيدات.
Author: Varoon Bashyakarla