- سكوت هاو، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أكسيوم
تُعرَّف بيانات المستهلكين بشكل عام بأنها معلومات تساعد مقدم الخدمة أو التاجر أو المسوق على فهم احتياجات العملاء الفرديين أو مجموعات العملاء وتفضيلاتهم بشكل أفضل. وتساعد بيانات المستهلكين وسطاء البيانات على إنشاء ملفات تفصيلية بالمواصفات الخاصة بجماهير بعينها، والتي تُباع أو تُتاح لاحقًا للشركات التي ترغب في استهداف عملائها - أو الناخبين المحتملين في حالة السياق السياسي - وفقًا لتفضيلاتهم أو مواصفاتهم المتصورة.
تزعم شركة «إكسبيريان Experian»، والتي تعمل في مجال وساطة البيانات في دليلها "Audience Lookbook"، أن قاعدة البيانات الخاصة بالولايات المتحدة لديها، يمكنها الوصول إلى «أحدث البيانات» حول «أكثر من 300 مليون فرد، 126 مليون أسرة، وأكثر من 50 عامًا من المعلومات التاريخية، وآلاف من السمات التي تخص التركيبات الديموغرافية، والعادات الشرائية، وأنماط الحياة، والاهتمامات، والطبائع». وباستخدام هذه البيانات، تفخر «إكسبيريان» بأنها يمكنها «مخاطبة 85% من سكان الولايات المتحدة، والتواصل مع 500 مليون عنوان بريد إلكتروني» تقسيم الأفراد إلى 71 نمطًا فريدًا وفقًا لفئات مثل «الشخصية المالية» و\«الخصائص العرقية»، وتزعم «إكسبيريان» أن هذه البيانات ستساعد الشركات على مخاطبة «الجمهور المناسب» باستخدام «الرسائل الأفضل»، إلا أن الشركة لا تقدم بياناتها إلى المسوقين فحسب، بل إن لديها تصنيفات مثل «الديمقراطيون الفائقون» و«التقليديون البيئيون» لمنح الأحزاب السياسية نظرة داخل القضايا والمواقف والاتجاهات بين الناخبين. بيانات المستهلكين لا تعتبر مجرد مفتاح لفهم المشترين أو العملاء، بل إنها أيضًا تفتح باب الوصول إلى قطاعات سياسية ثمينة من الجماهير.
مصادر البيانات وكيفية تطبيقها كما تعلن عنها شركة إكسبيريان.
المصدر: Experian. ‘Consumer View Data | Experian Marketing Services’ accessed 2 May 2018
المصدر: Experian. 'ConsumerView - Data by the Numbers’ , accessed 22 February 2019
إن الكم الهائل من بيانات المستهلكين المتاحة اليوم ينمو على نحو تصاعدي. فوفقًا لتقرير منظمة «ديموز Demos» حول مستقبل الحملات الدعائية السياسية، تقدر شركة «آي بي إم IBM» أنه هناك حوالي 2,5 كوينتليون بايت من البيانات يتم إنتاجها يوميًّا من جميع قطاعات الاقتصاد تقريبًا6. وتتراوح البيانات التي يتم تجميعها نوعيًّا، بدءًا من السمات الأساسية مثل سنك أو حجم أسرتك إلى تفاصيل دقيقة مثل نوع الأفلام التي تفضلها أو طراز السيارة التي تقودها. وفي الواقع، سجلت شركة «جنرال موتورز General Motors» براءة اختراع لاستخدام «بيانات التتبع للمركبات»، والتي تمتد لتشمل بيانات خاصة بعادات القيادة وحتى عادات استهلاك المواد الإعلامية من أجل بث إعلانات موجهة داخل السيارة. في استعراض معمق حول هذا الموضوع، قام التقني والباحث «وولفي كريسل» في تقريره حول مراقبة الشركات للحياة اليومية، بتقسيم بيانات المستهلكين إلى عدة أصناف، ومنها البيانات التطوعية والبيانات المرصودة والبيانات الفعلية والبيانات المنمذجة أو المستنتجة، والتي تستند إلى تحليل الأنشطة والسلوكيات. وتمثل مجموعة واسعة من الصناعات مصادر لهذه البيانات، ويشمل ذلك المنصات الرقمية مثل جوجل وفيسبوك وأمازون، ومزودي خدمات الاتصالات (تعتمد شركة «ساب SAP»، على سبيل المثال، استخدام أداة تحليلية تعمل على تحليل مليارات من نقاط بيانات المستهلكين التي تحصل عليها من شبكات تشغيل الأجهزة المحمولة)، بالإضافة إلى وسائل الإعلام ودور النشر ومتاجر البيع بالتجزئة ومقدمي الخدمات المالية مثل البنوك والوكالات الائتمانية. فشركة «سبوتيفاي Spotify» على سبيل المثال لا تبيع البيانات المتعلقة بعادات الاستماع الخاصة بالمستخدمين فحسب، بل وتبيع معلومات تخبر بأمزجة المستخدمين وأماكن وجودهم. إن الشركات المعتمدة على التكنولوجيا الرقمية في هذا العصر الرقمي مثل مزودي خدمات الإنترنت١١، وموردي الأجهزة الذكية١٢، قد أصبحت في حد ذاتها شركات وساطة للبيانات.
تمثل بيانات المستهلكين وقود الحملات الدعائية المعتمدة على التكنولوجيا الرقمية1، فهي توجه الأساليب والأدوات المختلفة التي يمكن للحملات السياسية من خلالها تحليل الناخبين وتقسيمهم واستهدافهم وتقييمهم. في جميع أنحاء العالم، يتزايد استخدام الحملات الدعائية السياسية لأدوات البيانات والاستهداف، وهي الأدوات المصممة للإعلانات التجارية ولتحقيق مشاركة المستهلكين، ولكن تستخدمها الحملات من أجل توجيه وتشكيل طريقة عملها.
فيما يلي المصادر الأساسية التي تستقي منها الحملات الدعائية السياسية بيانات المستهلكين:
● وسطاء البيانات التقليديون: يمكن للحملات أن تحصل على بيانات المستهلكين مباشرةً من كبار وسطاء البيانات من الشركات مثل «أكسيوم Acxiom » و«إبسيلونEpsilon » وإكسبيريان (وتشمل الأخيرة «سيراسا إكسبيريان [Serasa Experian» التابعة لها ومقرها في البرازيل، والتي تحوز المجموعات الأضخم لبيانات المستهلكين في منطقة أمريكا اللاتينية](<https://ourdataourselves.tacticaltech.org/posts/overview-brazil/) وجميعها تحسب الأحزاب السياسية من ضمن عملائها. في أعقاب الانتخابات العامة بالمملكة المتحدة لعام 2017 فرض مكتب مفوض المعلومات بالمملكة غرامة على موقع «إيماز دياري Emma's Diary» والذي يقدم نصائح للنساء الحوامل حول الحمل والولادة ، لخرقه قوانين حماية البيانات، بعد أن قام الموقع بجمع بيانات وبيعها إلى حزب العمال من خلال تعاقد لتوريد البيانات مع شركة إكسبيريان. قام الموقع الذي يحوز بيانات عن المستخدمين مثل أسماء الأبوين، وعدد الأطفال في الأسرة، وتواريخ الميلاد، بجمع وبيع أكثر من مليون سجل إلى شركة إكسبيريان، والتي كانت بدورها تؤسس قاعدة بيانات لحساب حزب العمال من أجل الانتشار الموجه للحملة الدعائية للحزب. وقد حازت هذه القضية كل الاهتمام بسبب اكتشاف مكتب مفوض المعلومات خروقات لقوانين البيانات، وعلى الرغم من ذلك فإن تَحَصُّل الأحزاب السياسية على بيانات المستهلكين من شركات وساطة البيانات الضخمة هو أمر واسع الانتشار. وتظهر قاعدة البيانات الخاصة باللجنة الانتخابية بالمملكة المتحدة عن إنفاق الحملات، وهي قاعدة بيانات متاحة للجمهور، أن الحزبين الأكبر في البلاد قد أنفقا مبالغ كبيرة مقابل خدمات من شركة إكسبيريان.
لقطة تظهر مقتطفات من نتائج البحث على قاعدة البيانات العامة للجنة الانتخابية بالمملكة المتحدة عن إنفاق الحملات مقابل خدمات شركة إكسبيريان.
المصدر:
‘The Electoral Commission - Spending on Data Brokers.’ Search - The Electoral Commission, accessed March 7, 2019.
● منصات الإنترنت: بينما تمثل شركات وساطة البيانات مصدرًا غنيًّا لبيانات المستهلكين بالنسبة إلى الأحزاب السياسية، فإن منصات الإنترنت قد لحقت بقطاع وساطة البيانات في هذا الصدد. حيث تمكِّن شركات مثل فيسبوك وجوجل (والشركات التابعة لها مثل چيميل ويوتيوب وإنستجرام وفيسبوك ماسنچر)، شركات الإعلان والتسويق من الوصول إلى مستخدمي هذه المنصات، وأن تحصل على معلومات عنهم. ففي منتصف عام 2018 بلغ العدد الإجمالي للمستخدمين الشهريين لجميع خدمات فيسبوك، بما في ذلك تطبيق واتسآب وإنستجرام وماسنچر 2,5 مليار مستخدم . وفي الوقت ذاته، تزعم شركة جوجل أن عدد مستخدمي كل منتج من منتجاتها الثمانية يتجاوز المليار مستخدم، بالإضافة إلى ملياري مستخدم نشط لنظام تشغيل أندرويد21. لا يتوقف الأمر عند حيازة هاتين الشركتين لقواعد مستخدمين هائلة، بل إنهما تسيطران على مشهد الإعلانات الرقمية، فقد وصلت حصتهما من هذه السوق في عام 2017 إلى 65 %. فإن نماذج عملهما تعتمد إلى حد كبير على تمكين عملائهما من توجيه الإعلانات إلى مستخدميهما. ويعزز من تفوق شركتي جوجل وفيسبوك أن وسطاء البيانات التقليديين بإمكانهم دمج بيانات المستهلكين لديهم مع هاتين الشركتين ؛ فبيانات الجمهور التي استخدمتها منصة التسويق الخاصة بفيسبوك قد وفرتها شركتا أكسيوم وسيراسا إكسبيريان. بفضل القوة التي تتمتع بها منصات الإنترنت والتي تتيحها قدرة الانتشار وثروة بيانات المستهلكين المتاحة لها مجتمعتين، تتعامل تلك المنصات مع الحملات الدعائية السياسية على نطاق عالمي وتوفر لها خدمات مصممة خصيصًا.
وتشمل التقنيات الفعالة التي توفرها تلك المنصات، تقنية مطابقة قاعدة بيانات العملاء (توفر فيسبوك" custom audiences” لتخصيص الجماهير، أما جوجل فتقدم “customer match”لمطابقة العملاء) وتقنية عمليات البحث الموسع للعملاء (فيسبوك لديها “Lookalike Audiences” وجوجل لديها " Similar Audiences”” للعثور على جماهير متشابهة). من خلال تحميل قوائم العملاء أو الداعمين مباشرة، يمكن للمعلنين أو الحملات السياسية أن «تطابق» الأفراد المدرجين في هذه القوائم مع مستخدمي هذه المنصات، استنادًا إلى بيانات مثل الاسم ورقم الهاتف وعنواني البريد والبريد الإلكتروني، ثم تقوم بعد ذلك بتوجيه محتوى إليهم. في حالة تقنية عملية البحث الموسع، تقدم كل من المنصتين نظامًا يمكن من خلاله تحليل أنشطة مستخدميهما وسماتهم للبحث عن اهتمامات وخصائص مشتركة بينهم وبين المدرجين في قائمة الانتشار أو التسويق الخاصة بجهة معلنة أو حملة دعائية على التوالي. وبمجرد تحديده، يمكن لهذا الجمهور الذي تم تكوينه حديثًا أن يُستهدف بالإعلانات.
لقطة من قصص النجاح السياسي كما أعلنت عنها «فيسبوك بيزنس Facebook Business» في أكتوبر من عام 2016. ومنذ ذلك الحين، أزيل القسم الخاص بالحكومة والسياسة.
المصدر:
● استشاريو البيانات السياسية: بينما يحسب وسطاء البيانات التقليديون ومنصات الإنترنت العديد من الصناعات من ضمن عملائهم، فإن شركات الاستشارات السياسية مثل شركة “i360” - وهي شركة ذات ميول محافظة تمول بشكل كبير من الإخوان كوك Koch - توظف معرفتها ببيانات المستهلكين بشكل خاص لحساب العملاء السياسيين وحملاتهم. فتعلن شركة i360 عن حيازتها لقاعدة بيانات تضم 290 مليون مستهلك أمريكي وأكثر من 700 نقطة بيانية فريدة، جميعها مستقى من «بيانات الناخبين التي جرى تجميعها من جميع الولايات ومن بيانات المستهلكين وبيانات أنماط الحياة متعددة المصادر، والتي يوفرها الصف الأول من مزودي الخدمات» وبالمثل، تعلن شركة «أدڤوكاسي داتا Advocacy Data» عن قدرتها على مطابقة البيانات الموجودة لدى الحملات مع بيانات المستهلكين، والتي تشمل العضويات بمجموعات مثل مجموعات مالكي الأسلحة أو المحاربين القدامى، بالإضافة إلى الاشتراكات بالمجلات والوضع المالي وغير ذلك من البيانات. أما شركة “Aristotle” فتوفر مجموعات بيانات متكاملة تتضمن تاريخ المتبرعين ومعلومات خاصة بالتركيبة السكانية وأنماط الحياة. وقد أمكن اكتشاف استخدام الشركات العاملة باستشارات البيانات السياسية، والتي توظف بيانات المستهلكين في استراتيجياتها الخاصة بالبيانات، في انتخابات جرت في البرازيل والأرجنتين والهند على سبيل المثال لا الحصر.
مكونات قاعدة بيانات الحملات الانتخابية الخاصة بشركة “i360” والتي تتضمن أكثر من سبعمائة نقطة بيانية كما تعلن عنها الشركة.
المصدر: The Database - i-360. i360, accessed 1 March 2019
● مصادر أخرى: إلى جانب البيانات التجارية المعتادة، بدأ استشاريو البيانات السياسية في اللجوء إلى مصادر جديدة تساعدهم في فهم الناخبين بشكل أفضل. إن الحصول على البيانات المفتوحة وتحليلها قد أصبح بمثابة مصدر قوة للحملات السياسية. وكما أظهر فريق من الباحثين في الذكاء الاصطناعي بجامعة ستانفورد، فإنه من الممكن، على سبيل المثال، توقع التركيبة الديموغرافية وأنماط التصويت في الولايات المتحدة استنادًا فقط إلى صور السيارات التي تُلتقط من خلال تقنية «جوجل ستريت ڤيو Google Street View36». وتتضمن النتائج التي توصل إليها الفريق أن الأحياء التي تحتوي على سيارات من طراز «سيدان Sedan» أكثر من الشاحنات الصغيرة، تكون أكثر ميلًا إلى التصويت لصالح الحزب الديمقراطي، حيث تُستخدم بيانات الأقمار الصناعية ضمن عروض الخدمات التي يقدمها استشاريو البيانات السياسية بشكل صريح إلى عملائهم.
\ ولقد قامت شركة «هاي ستاك دي إن إيه HaystaqDNA»، وهي شركة بيانات عملت مع حملتي باراك أوباما وبيرني ساندرز الانتخابيتين، بتحليل صور ملتقطة بالقمر الصناعي من أجل التعرف على مالكي الألواح الشمسية، وتكوين نماذج للأنماط الخاصة بهم، وهي بيانات يمكن أن تكون قيِّمة بالنسبة إلى العملاء السياسيين الذين يحاولون الوصول إلى الناخبين المهتمين بالقضايا البيئية
إن بيانات المستهلكين الخاصة بالناخبين تُعد عنصرًا أساسيًّا في عملية الحصول على بيانات في الحملات الدعائية السياسية. حيث يمكن للحملات السياسية والمرشحين أن يتعرفوا بشكل أكثر تفصيلًا على آراء الناخبين واحتياجاتهم وميولهم بشأن شتى القضايا، وهو ما يمد الحملة بمعلومات عن التوجهات التي يفترض وجودها. فإن المرشح الذي تتوفر لديه معلومات أكثر من سواه بإمكانه مخاطبة هموم الناخب الفعلية بشكل أكثر مباشرة، وتحسن بيانات المستهلك من دقة هذه المعلومات.
في عصر البيانات الضخمة، تنجح القدرة على ربط وجمع بيانات المستهلكين من أي عدد من المجموعات البيانية من خلال العديد من الشركات والمنصات والأجهزة والخدمات، في إرساء وضع اعتيادي يجري في ظله «استقصاء الناخبين وتقييمهم والتحري عنهم وفحصهم وتصنيفهم وفرزهم في مجموعات وترتيبهم وترقيمهم وإحصاؤهم وإشراكهم واستبعادهم بشكل مستمر
1 بيانات المستهلكين عادةً ما تزيد من حجم البيانات العامة كسجلات التعداد السكاني وسجلات الناخبين. ↩
Author: Gary Wright
__